عندما يحين الأجل تأتي ساعة الإحتضار ،
وتعقبها حياة القبر ، ثم تنتهي هذه المرحلة بالبعث، وإذا مادققنا النظر
لأدركنا أن هذه المرحلة أو هذه الفترة وجيزة لاتقاس بما يتبعها من حياة بعد
النشور ، والقرآن الكريم يعبر عنها بلفط الزيارة في قوله تعالى :
{ أَلْهَاكُمْ التكَاثُرُ * حَتى زُرْتُمُ الْمَقـَابِرَ * )
أي أن الإنسان في القبر هو مجرد زائر ، وليس مقيما إقامة دائمة ، ومادام
زائراً وليس مقيماً ، فإن الزيارة مهما طالت .. سيأتي لها وقت وتنتهي وتزول
، وهي زيارة ستنتهي بيوم الحشر ، فالموت هو انتقال من قوانين الى أخرى
مختلفة ، فالإنسان في حياته ، له جرم مادي ، هو الجسد ،ولكن في الموت يعود
الجسد إلى الأرض مرة أخرى ، ثم ترد إلى صاحبه يوم القيامة .
والموت يبدأ بالاحتضار ، ومعنى الاحتضار ، أن حياة الاختيار البشري قد
انتهت ، فالإنسان في الحياة الدنيا له اختيارات ، وله عقل يختار بين
البدائل ، ولكنه ساعة يحتضر .. تنتهي فترة الاختيار التي كانت اختباراً له
وامتحاناً وابتلاءً ،وتبدأ مرحلة أخرى جديدة لااختيار له فيها ، يصبح
الإنسان فيها مقهوراً ، إن الإنسان حين يحتضر يعرف يقيناً انه ميت ، لأنه
يرى الملائكة ، ويرى من كون الله ماكان محجوباً عنه . واقرأ قوله تعالى :
{ لقَدْ كُنتَ في غَفْلَةٍ منْ هذا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوَمَ حَدِيدٌ } .
( سورة ق )
في هذه اللحظات تخمد البشرية وتتحدد المصائر يقينا إما إلى الجنة أو إلى
النار .. إما أن يرى ملائكة الرحمة ، وإما يرى ملائكة العذاب ، هكذا أخبرنا
الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بما يحدث لأهل الجنة حين يحضرهم الموت
يقول سبحانه :
{ الذِينَ تَتَوَفَاهُمُ الْمَلاّئِكَةُ طَيبِينَ يَقُولَونَ سَلاَمٌ
عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * } .
( سورة النحل )
وهكذا نعلم أن المؤمنين أصحاب العمل الصالح ساعة الإحتضار يرون ملائكة
الرحمة ، وتكون أول بشارة لهم بالجنة ، فتنفرج أساريرهم ، ويبتسمون فرحين
لأنهم ذاهبون إلى خير مما كانوا فيه ، إذا نظرت إلى وجوههم بعد الوفاة
تراها ساكنة مطمئنة لما رأت من وعد الله الذي لايخلفه .
أما أولئك الذين كفروا وعصوا الله وأشركوا به وحاربوا دينه ، فإن لقاؤهم مع
الموت يختلف ، يخبرنا بذلك القرآن الكريم في قول الله عز وجل :
{ ولو ترىّ إذ يَتَوفى الذِينَ كَفَروُاْ الْمَلاّئِكَةُ يَضْرِبُونَ
وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ } .
(سورة الأنفال )
ويعطينا الله سبحانه وتعالى وصفاً آخر للكفار في الآية الكريمة التي تقول :
{ وَلَوْ تَرَىّ إذِ الظالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلاّئِكَةُ
بَاسِطُوّاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواّْ أَنفُسَكُمُ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ
عَذَابَ الْهونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الحق
وَكُنتُمْ عَنْ ءَاياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } .
( من الآية 93 سورة الأنعام )
وهكذا نعرف من هذه الآيات الكريمة أنه كما يرى المؤمن مصيره ومقعده في
الجنة وهو يحتضر ، يرى الكافر مصيره ومقعده في النار وهو يحتضر ، بل إن
ملائكة العذاب يهينون الكافر جزاءً على كفره ، فيضربونه على وجهه وعلى ظهره
ويجعلونه يذوق عذاب الحريق ، ويتحدونه إن كانت له عزوة أو جاه أو منعة في
الحياة الدنيا ، فليخرج نفسه مما هو فيه من عذاب وإهانة ، ولن يستطيع إخراج
نفسه لأنه لايملك القوة ولا القدرة .
لقد انتهى الاختيار البشري وأصبح مقهوراً ككل أجناس الكون ، بعد أن نعم
بالاختيار في الحياة الدنيا ، ومن علامات سوء الخاتمة ـ والعياذ بالله ـ
إنك ترى الكافر أو الظالم وقد اكفهر وجهه وتشنج جسده وتقلصت ملامحه من هول
مايرى من العذاب الذي ينتظره .
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر الناس من هذا المصير أيها الناس :
" إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم ، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم ،
إن المؤمن بين مخافتين ، بين أجل قد مضى لايدري ماالله صانع فيه ، وبين
أجل قد بقي لايدري مالله تعالى ماض فيه ، فليأخذ العبد لنفسه من نفسه ومن
دنياه لآخرته ، ومن الشيبة قبل الكبر ، ومن الحياة قبل الموت ، والذي نفس
محمد بيده مابعد الموت من مستعتب ، ولابعد الدنيا دار إلا الجنة أو النار .
إن ساعة الاحتضار ـ كما صورها لنا القرآن الكريم ـ تزيل الحجب وترفع الغطاء
وتحد البصر ، وتكشف كل ماكان غيباً عنا مصداقاً لقوله تعالى :
{ فلولاّ إذا بَلَغتِ الحلْقُومَ * وأنتُمْ حِنَئِذٍٍ تنظروُنَ * ونحنُ أقْربُ إليهِ مِنكُمْ ولكِن لاتبصِرُونَ } .
( سورة الواقعة )
في هذه اللحظة تبدأ أول منازل الآخرة ، لأن من مات قامت قيامته وعرف آخرته
.. إنه حين يموت يسمع ، لكنه لايستطيع الرد ، ويرى ولكنه لايستطيع أن يروى
مايراه ، إن لهم إدراكاً كما للحي إدراك .
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا : " إذا زرتم المقابر فسلموا
علىأهلها . وقولوا : السلام عليكم ديار قوم مؤمنين " ومادام رسول الله صلى
الله عليه وسلم قد أمرنا بهذا ، فلابد أن هناك إدراكاً ماعند أهل المقابر
لهذه التحية ، وإلا لما أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إذن هناك إدراك ما لسكان القبور بالنسبة لزائريهم وتحيتهم لهم ، وهناك
إدراك آخر بأن هناك عقلاً او فكراً مما يجعلهم يميزون بين الأمل واليأس ،
قال تعالى :
{ ياّأيها الذينَ أَمنُوا لَاتَتَوَلوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ
قَضْ يَئسُوا مِنَ الأَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفارُ مِنْ أصْحابِ
الْقُبُورِ } .
(سورة الممتحنة )
درجة اليأس هذه التي وصلوا إليها محتاجة إلى إدراك بشيء ما ، فلا يمكن أن
يصل إلى درجة اليأس أو يعيشها إلا مدرك يميز بين الأشياء ، بحيث يعرف أن
هذه درجة يأس ، وهذه درجة أمل ، فالله تعالى قد قال :
" كما يئس الكفار من أصحاب القبور "
وتعقبها حياة القبر ، ثم تنتهي هذه المرحلة بالبعث، وإذا مادققنا النظر
لأدركنا أن هذه المرحلة أو هذه الفترة وجيزة لاتقاس بما يتبعها من حياة بعد
النشور ، والقرآن الكريم يعبر عنها بلفط الزيارة في قوله تعالى :
{ أَلْهَاكُمْ التكَاثُرُ * حَتى زُرْتُمُ الْمَقـَابِرَ * )
أي أن الإنسان في القبر هو مجرد زائر ، وليس مقيما إقامة دائمة ، ومادام
زائراً وليس مقيماً ، فإن الزيارة مهما طالت .. سيأتي لها وقت وتنتهي وتزول
، وهي زيارة ستنتهي بيوم الحشر ، فالموت هو انتقال من قوانين الى أخرى
مختلفة ، فالإنسان في حياته ، له جرم مادي ، هو الجسد ،ولكن في الموت يعود
الجسد إلى الأرض مرة أخرى ، ثم ترد إلى صاحبه يوم القيامة .
والموت يبدأ بالاحتضار ، ومعنى الاحتضار ، أن حياة الاختيار البشري قد
انتهت ، فالإنسان في الحياة الدنيا له اختيارات ، وله عقل يختار بين
البدائل ، ولكنه ساعة يحتضر .. تنتهي فترة الاختيار التي كانت اختباراً له
وامتحاناً وابتلاءً ،وتبدأ مرحلة أخرى جديدة لااختيار له فيها ، يصبح
الإنسان فيها مقهوراً ، إن الإنسان حين يحتضر يعرف يقيناً انه ميت ، لأنه
يرى الملائكة ، ويرى من كون الله ماكان محجوباً عنه . واقرأ قوله تعالى :
{ لقَدْ كُنتَ في غَفْلَةٍ منْ هذا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوَمَ حَدِيدٌ } .
( سورة ق )
في هذه اللحظات تخمد البشرية وتتحدد المصائر يقينا إما إلى الجنة أو إلى
النار .. إما أن يرى ملائكة الرحمة ، وإما يرى ملائكة العذاب ، هكذا أخبرنا
الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بما يحدث لأهل الجنة حين يحضرهم الموت
يقول سبحانه :
{ الذِينَ تَتَوَفَاهُمُ الْمَلاّئِكَةُ طَيبِينَ يَقُولَونَ سَلاَمٌ
عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * } .
( سورة النحل )
وهكذا نعلم أن المؤمنين أصحاب العمل الصالح ساعة الإحتضار يرون ملائكة
الرحمة ، وتكون أول بشارة لهم بالجنة ، فتنفرج أساريرهم ، ويبتسمون فرحين
لأنهم ذاهبون إلى خير مما كانوا فيه ، إذا نظرت إلى وجوههم بعد الوفاة
تراها ساكنة مطمئنة لما رأت من وعد الله الذي لايخلفه .
أما أولئك الذين كفروا وعصوا الله وأشركوا به وحاربوا دينه ، فإن لقاؤهم مع
الموت يختلف ، يخبرنا بذلك القرآن الكريم في قول الله عز وجل :
{ ولو ترىّ إذ يَتَوفى الذِينَ كَفَروُاْ الْمَلاّئِكَةُ يَضْرِبُونَ
وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ } .
(سورة الأنفال )
ويعطينا الله سبحانه وتعالى وصفاً آخر للكفار في الآية الكريمة التي تقول :
{ وَلَوْ تَرَىّ إذِ الظالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلاّئِكَةُ
بَاسِطُوّاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواّْ أَنفُسَكُمُ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ
عَذَابَ الْهونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الحق
وَكُنتُمْ عَنْ ءَاياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } .
( من الآية 93 سورة الأنعام )
وهكذا نعرف من هذه الآيات الكريمة أنه كما يرى المؤمن مصيره ومقعده في
الجنة وهو يحتضر ، يرى الكافر مصيره ومقعده في النار وهو يحتضر ، بل إن
ملائكة العذاب يهينون الكافر جزاءً على كفره ، فيضربونه على وجهه وعلى ظهره
ويجعلونه يذوق عذاب الحريق ، ويتحدونه إن كانت له عزوة أو جاه أو منعة في
الحياة الدنيا ، فليخرج نفسه مما هو فيه من عذاب وإهانة ، ولن يستطيع إخراج
نفسه لأنه لايملك القوة ولا القدرة .
لقد انتهى الاختيار البشري وأصبح مقهوراً ككل أجناس الكون ، بعد أن نعم
بالاختيار في الحياة الدنيا ، ومن علامات سوء الخاتمة ـ والعياذ بالله ـ
إنك ترى الكافر أو الظالم وقد اكفهر وجهه وتشنج جسده وتقلصت ملامحه من هول
مايرى من العذاب الذي ينتظره .
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر الناس من هذا المصير أيها الناس :
" إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم ، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم ،
إن المؤمن بين مخافتين ، بين أجل قد مضى لايدري ماالله صانع فيه ، وبين
أجل قد بقي لايدري مالله تعالى ماض فيه ، فليأخذ العبد لنفسه من نفسه ومن
دنياه لآخرته ، ومن الشيبة قبل الكبر ، ومن الحياة قبل الموت ، والذي نفس
محمد بيده مابعد الموت من مستعتب ، ولابعد الدنيا دار إلا الجنة أو النار .
إن ساعة الاحتضار ـ كما صورها لنا القرآن الكريم ـ تزيل الحجب وترفع الغطاء
وتحد البصر ، وتكشف كل ماكان غيباً عنا مصداقاً لقوله تعالى :
{ فلولاّ إذا بَلَغتِ الحلْقُومَ * وأنتُمْ حِنَئِذٍٍ تنظروُنَ * ونحنُ أقْربُ إليهِ مِنكُمْ ولكِن لاتبصِرُونَ } .
( سورة الواقعة )
في هذه اللحظة تبدأ أول منازل الآخرة ، لأن من مات قامت قيامته وعرف آخرته
.. إنه حين يموت يسمع ، لكنه لايستطيع الرد ، ويرى ولكنه لايستطيع أن يروى
مايراه ، إن لهم إدراكاً كما للحي إدراك .
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا : " إذا زرتم المقابر فسلموا
علىأهلها . وقولوا : السلام عليكم ديار قوم مؤمنين " ومادام رسول الله صلى
الله عليه وسلم قد أمرنا بهذا ، فلابد أن هناك إدراكاً ماعند أهل المقابر
لهذه التحية ، وإلا لما أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إذن هناك إدراك ما لسكان القبور بالنسبة لزائريهم وتحيتهم لهم ، وهناك
إدراك آخر بأن هناك عقلاً او فكراً مما يجعلهم يميزون بين الأمل واليأس ،
قال تعالى :
{ ياّأيها الذينَ أَمنُوا لَاتَتَوَلوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ
قَضْ يَئسُوا مِنَ الأَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفارُ مِنْ أصْحابِ
الْقُبُورِ } .
(سورة الممتحنة )
درجة اليأس هذه التي وصلوا إليها محتاجة إلى إدراك بشيء ما ، فلا يمكن أن
يصل إلى درجة اليأس أو يعيشها إلا مدرك يميز بين الأشياء ، بحيث يعرف أن
هذه درجة يأس ، وهذه درجة أمل ، فالله تعالى قد قال :
" كما يئس الكفار من أصحاب القبور "